من جيران الدار الى جيران القلب والروح
في حي صغير هادئ كان هناك منزل يطل على حديقة الحب ، حيث الألوان المتنوعة من الزهور والأشجار تعكس جمال الطبيعة.
في هذا المنزل كانت تعيش سلمى ، الفتاة التي أسرت قلبي منذ أن كنت في سن المراهقة كانت مثل الملاك بريئة ومرحة وذكية جدا ، ومع كل ابتسامة منها، كنت أشعر بأن العالم يصبح أجمل.
كانت جارتنا وصديقة طفولتي ، ولكن مشاعري تجاهها كانت تتجاوز ذلك بكثير.
بداية حكاية الحب
كل شيء بدأ عندما كنا نلعب سويًا في الحديقة المجاورة ، كانت تلك اللحظات مليئة بالضحك والبراءة، وكانت تشعرني بالسعادة، كنت أراقبها وهي تلعب مع أصدقائها، وعيناي تتبعان حركاتها كأنني أبحث عن شيء ثمين .
كنا ندرس معا في المدرسة ونذهب معا بنفس الحافلة ، وكانت سلمى تجلس كعادتها بالمقاعد الأولى للفصل وكنت أجلس أنا في المقاعد الأخيرة .
مرت الأيام وتخرجنا في الثانوية معا ، وبعد إنتهاء حفلة تخرج ودعتني سلمى وأخبرتني أنها تريد أن تذهب خارج البلاد للجامعة حينها أيقنت أننا سنفترق بعد خمسة عشرة عاما كنا زملاء ، وقلت لسلمى “إذا هنا سنفترق ربما لن نلتقي ثانية ، سامحيني سلمى وأتمنى لك حياة مليئة بالنجاح والسعادة ” .
وبعد عطلة الصيف التحقت بالجامعة وهنا كانت المفاجئة بأن سلمى التحقت الجامعة أيضا ونفس التخصص الذي اخترته ، اسغربت هذه الصدفة كثيرا لأنني لم أتوقعها .
مع مرور الوقت تطورت مشاعري كانت سلمى تعني لي أكثر مما يمكنني التعبير عنه ، وقررت أن أخبرها عن ما يجول في قلبي.
في يوم من الأيام أخذت نفسًا عميقًا وجمعت شجاعتي اقتربت منها وهي في الحديقة وأخذت أستعد للاعتراف.
شعرت أنني أريد أن أخبرها عن حبي ، لكني كنت خائفًا من رد فعلها، هل ستفهم مشاعري؟ هل ستبادلني نفس الشعور؟
لحظة الاعتراف بالحب
قلت بتوتر “سلمى أريد أن أخبرك بشيء مهم”، نظرت إليّ بفضول ودعتني للحديث وقالت تفضل يازميلي ورفيقي من الطفولة وقلت لها بلا خوف وتردد “أنا أحبك ياسلمى ، لقد أحببتك منذ فترة طويلة.” شعرت بقلبي ينبض بشدة ، انتظرت ردها بفارغ الصبر، نظرت إليّ بصمت للحظة وخجلت وكأنها تنتظرني أن أعبر لها مشاعري ثم ابتسمت “وأنا أيضًا أحبك.”
كانت تلك اللحظة بمثابة الحلم الذي تحقق ، بدأنا نخرج معًا أكثر، نذهب في المكتبات ، نتحدث عن أحلامنا وطموحاتنا ، كانت لدينا اهتمامات مشتركة، كالأدب والقراءة والرسم ، وكنا نستمتع حين نتذاكر ذروس الجامعة معا عبر الوتساب وأحيانا نسهر بحكايات وأحلام كنا نتناقش معا في الهاتف ، كنت أشعر أنني وجدت شريكتي في الحياة.
الأيام الجميلة
أيامنا كانت مليئة بالضحك والذكريات الجميلة وكنا نذهب معًا إلى المكتبة، نتشارك الكتب ونتبادل الآراء.
كنا نذهب إلى المتحف الوطني ، ونتناول الآيس كريم في المقهى القريب ، كل لحظة كانت تترك أثرًا في قلبي، وكأننا كنا نكتب قصة حب جميلة ، كنت أشعر أنني محظوظ لأنني أعرفها، وأنني أعيش هذه التجربة الرائعة.
لكن مع مرور الوقت ، بدأت أشعر بتغير في الأجواء كنا نكبر، وكانت سلمى تتعرض لضغوطات دراسية وعائلية.
بدأت الأمور تتغير، وكأن الحياة كانت تُعيد ترتيب الأشياء من حولنا، كانت لديها أحلام وطموحات، وكانت تحاول تحقيقها بكل جهد.
خسارة الحب
في أحد الأيام، جاءتني سلمى بوجه شاحب قالت لي إنها ستتزوج ، كانت تلك اللحظة كالصاعقة التي ضربت قلبي ، قلت وصوت كان يتقطع “من هو؟” سألتك من هو ؟ ، بينما كانت الدموع تتجمع في عيني وقالت “هو رجل من عائلة غنية ، وتوقعاتي حول مستقبلنا لا تتماشى مع ما يريدون عائلتي ” أجابت.
شعرت بالصدمة كيف يمكن أن يحدث هذا؟ هل كان حبي لها غير كافٍ؟ حاولت أن أُبدي لها مشاعري، ولكنها كانت مصممة على المضي قدمًا. كل ما استطعت فعله هو الاحتفاظ بألمي في قلبي، ومراقبتها تتجه نحو مستقبل آخر.
الأيام السوداء
مررت بفترة صعبة بعد خبر زواج سلمى كانت ليالي طويلة ومليئة بالأفكار المحزنة وكنت أتذكر كل اللحظات الجميلة التي قضيناها معًا، وكانت تأتيني فكرة أنني كنت أستطيع أن أفعل المزيد ، أن أكون أفضل لكن الوقت لم يكن في صالحنا، وظلت سلمى تتحرك في اتجاه مختلف.
كنت أراها أحيانًا وهي تضحك وتبتسم مع خطيبها شعرت كأنني أراقب فيلمًا حزينا، حيث لا أستطيع تغيير نهايته.
كان يملأني الإحباط لكن في أعماقي كنت أعلم أنها تبحث عن السعادة، حتى لو لم تكن معي.
وداع الألم
مع مرور الوقت بدأت أتعلم كيف أُحارب مشاعري ، قمت بتوجيه طاقتي نحو أهداف جديدة، وسعيت لتحقيق طموحاتي.
بدأت أُمارس الرياضة وأتواصل مع أصدقائي وكانت حياتي تتغير، رغم أن ذكرى سلمى كانت دائمًا حاضرة في قلبي.
وبعد أشهر جاء يوم زفاف سلمى لم أحضر الحفل رغم أن ورقة العزيمة أتتني لكن منعني كبريائي والألم الذي كنت أشعر به.
رأيت صورها في الفيسبوك وهي لابسة بفستان الزفاف، وكانت تبدو كالأميرة لكن في قلبي كان هناك شعور من الحزن والفقد وكنت أتمنى لها السعادة ، لكنني كنت أود أن تكون تلك السعادة معي.
الخاتمة
على الرغم من أن حبي لسلمى لم يتحقق كما كنت أطمح، إلا أنني تعلمت الكثير من هذه التجربة أدركت أن الحب ليس دائمًا كافيًا، وأن الحياة تأخذنا في مسارات مختلفة تعلمت كيف أُقدر اللحظات الجميلة حتى لو انتهت بطريقة مؤلمة.
الحب الذي كان يجمعنا لا يزال له مكان في قلبي، وأحتفظ بتلك الذكريات ككنز.
قد لا نكون معًا ولكنني سأظل أؤمن بأن الحب الحقيقي يترك أثرًا لا يُنسى، ويعلمنا الدروس التي تُشكل شخصياتنا وتوجهاتنا في الحياة.